الأربعاء، 22 مايو 2013

رجلٌ يُحـــدثها ..




نص بنكهة الثالثة عشر         



  اكتظ المسرح بالجمهور ، رؤؤس ترتفع هنا وهناك
   وجوه ضاحكة وأخرى كئيبة هادئة ،
   لحظات ورفع الستار،،
   دخل على استحياء وخوف مضى وقت طويل لم يقف فيه على خشبة المسرح ,
  تلاشي خوفه تقدم بصلابة وقوة 
  وانحنى لجمهوره تهافت التصفيق بارد ومقيت   
  وكأنه غير مرحب به .
  سكن لحظة ثم مشي بخطى متثاقلة 
 جلس على تلك الأريكة الزرقاء المهترئة حاول  أن يتذكر بعض من النص
غير انه تلاشى من ذاكرته شعر بارتباك وتعرق جبيه ،عاد إلى بعض نصوصه القديمة حتى تمسك بخيط البداية وتنهد بعمق ،
وقف متردداً قائلا :
لم يعد لي صبرا على هذا وذاك لابُد من طريقة للخلاص ..
ألقى بجسده المتهالك على تلك الأريكة مجددا
ثم قال بصوت بائس حزين :
أثقلتني يا دنيا لم استطع تحمل نفسي حتى أتحملك .
سكوت يمر ببطء وعتمة حالكة غير بعض الضوء الذي سقط على وجهه قلق وانتظار وصمت ملأ المكان ارتفعت الأصوات هنا وهناك ما هذه السخافة وأين الباقي .وبعد مرور ثواني ،، تهادى صوتها تحملهُ الريح بأهازيج الضوء بعذوبة تراقص الغيوم
قائلة بهدوء :من أنت يا هذا حتى تقول أنني أثقلتك .
رفع عينيه في ذهول يبحث عنها هل تحدثه هي ؟!! أم وهم صنعته الرياح !!
أجاب بتردد : أنا ذاك المسكين الذي بكاك بالأمس القريب ،فكنت له داره وناره وكنت أوطان عمرهُ وعثراته
قالت : هاأنت قلت عثراتها ، فمن تقصد يا ضيفي ؟ وهل لديك ما تسمعني ؟
عرف أنها تحدثه وأنها خرجت من رداء صمتها هي الدنيا وما حملت وتحملت
سارع بالقول : كنت احد أحبائك واليوم لا تعرفينني ؟؟
كنت أعيش فيكـ بسلام فلم اُحلل عهدي بكـ وضمنتكـ لي وجعلتكـ ضحكتي وسروري وأمنتكـ فكنت مخدعي وسريري ، فخنتني ولم أكن لأخونكـ
قالت : ما الخيانةُ ما تقصدها فيني وتعنيني وما الأمان الذي كنت ترجوه مني !!
قال : أتضعين اللوم علي .!!
قالت : كنت ضال ، فأمهلت لك ثم حذرتك ولكنك لم تكن لتميز بين العطاء والحرمان تركت لنفسك كل خير ونسبت كل شر لي .
قال : أيتها الدنيا ما بالك لم تُريحي مخدعي وماذا تبقى لي بعد أن سلبتني حضن أمي وحنان أبي .
قالت بانفعال : لم أسلُبك شيء كان قدر ربُكـ فلستُ مسئولة عن الموت والحياة ولستُ من يكتب مصير العباد .
قال بسخرية : كنت أتوقع منك ذلك فمن عادتك الغدر والنسيان تعطي فتسلُبين ، تُضحكي فتُبكي ، غدارة أنتي كبحركـ ومالكـ
قالت بحزن : لستُ ظالمة مستبدة ولستُ أعطي حتى أسلُب أو اُضحك حتى ابكي ومثلك مثل غيرك تلومونني على ما أصابُكـ .
قال بصوت عال : ما بالكـ تتجهمين ، كُنت قد تركتُ الأمر لكـ وجعلتني كــ أُرجُوحة بــ أقداري بألمي وبُؤسي وشقائي ,
أمنتكـ دوام النعم فحرمتني إياها أمنتكـ الفرح والسرور وحضن أبي وأمي وحبيبتي فاستكثريه على أيامي ,
كيف لم تخونيني وكيف لا تعلمين ما حدث لي وأنكرتني !!
أليس في قلبكـ قليل من الرحمة لـ ـترأفي بي
قالت بحزن : ليس لي قلب حتى اشعر بألمك فكيف تلومني على هذا وذاك وتنسى ما قدر لكـ ربُك .
قال بمرارة وألم : أتضعين مُبرر لــ ـكُل خطيئة ، 
لقد كتب الله لي السعادةُ في الدارين .
قالت : ألم تسمع قول ربك { وهديناهُ النجدين } .,

أكُنتُ من أختار لك طريق اللهو العبث والغفلة, أم كنت من أمات والدتُك وشل أطراف والدك !! هل تحمل نفسك الفرح والسرور وتلقي على عاتقي الهم والحزن
قال بحزن : أمهليني ولا تقطعي بي الأمل مازلت مسافرا على كفكـ ، مازال قلبي ينبُضُ بحُبكـ .
قالت باستغراب : غريب أنت يا أبنُ آدم تُحبني وتقول أنني سلبتُك وأبكيك وأحرمك , فما بالك بربك تُسئ إليه فيعفو عنك ويصفح ، فــ كيف تُحبني وتنسى فضلُ ربك

ضحكـ ثم بكي

قال بندم : أنا أُحب ربي ولكنني لم أُقدرهُـ حق قدرهُـ ولا أعرفُ كيف أشكُرهُـ
صمت لبُرهة ثم أردف قائلا :
علميني ,, أدركيني ولا تترُكيني ، كيف تكُـوني رفيقـة دربي ولا تُساعدينني
قالت : كيف أُساعدكـ وهو الرحمنُ الرحيم , أرفع يديكـ إلى خالقك فهو أكرم مني وأفضل .
قال: صدقتي فلا لوم عليكـ بعد اليوم بل اللوم علي أنا من ضيعتُ حق ربي وحق نفسي فلم اعرف لله شُكرا ولم اسجُد له يوما.
وبكى بحُرقةٍ وندم

قالت : الآن أتركك وشأنك ولا تنسى بأنك مازلت ضيفي ومازلتُ رفيقة دربك ، ولا تنسى بأنني ليس لي عقل لأحكم به أو قلب لأشعر به أو لسان لأتكلم به ..
صمت وسكون وصرير للريح
تساءل قائلا : أين أنتي اجبيني ، ألا تردين وداعي ..
اتكأ على أريكته قائلا : ها قد عرفت أنكـ لم تكوني لتتكلمين ، ولكني حظيتُ بفرصة النجاة من ربي ، فشكرا لك يا الله وحمدا يليق بجلالكـ ،،



*،*،*،*،*،

طفلة الحرف / ضوء 





ليست هناك تعليقات: